لا نريد أن نموت !! ما الجدوى من الحرب ؟!
يمنات
ماجد زايد
ما جدوى الحروب ؟! أيموت شباب في مقتبل العمر من أجل حفنة من التراب ؟! ما جدوى الأرض أذا مات من يعمرها ؟!
لا نريد أن نموت.. صرخةُ للموتى أطلقها اروين شو عن شاب لا يريد أن يقتل ويعتقد أن هناك عدداً كبيراً من الشبان يشاركونه نفس الرغبة , صرخة تنادي بوقف الحرب والتضحية بأرواح الكثيرين من أجل بضعة سنتيمترات من السلطة.
لقد كُنتُ في العشرين فقط يا أمي .. لم أجنِ ذنبًا و لم أر شيئا, و لم يكن لي حتى فتاة أحبها و تحبني.
لقد قضيت عشرين عامًا أُدَرَّب و أعد كي أصبح رجلا. و ما إن أصبحت رجلا حتى قتلوني, إن الطفولة ليست جميلة يا أماه كما يقولون, و يظل الواحد منا يبذل كل ما في قدراته ليجتهازها بأسرع ما يستطيع , فالإنسان لا يعيش حياته كاملةً و هو طفل و يظل يعد الساعات و ينتظر, و قد انتظرتُ كثيرًا يا أمي – و لكنهم خدعوني- ألقوا خطابًا و دقوا طبولا و ألبسوني زيًّا عسكريًّا و أرسلوني إلى ميدان القتال .
لقد باعونا..
ماذا تعني ؟ كيف باعوكم ؟
نعم باعونا بخمسةٍ وعشرين ياردة من الطين القذر دفنونا فيه.
حياةُ إنسانٍ كاملة لقاء أربع ياردات من الوحل !!
كان ينبغي أن يضلوا أحياء حتى الأن , إنهم ليسوا سوى جماعة من الصبية الصغار , ولا ينبغي أن يموت الشبان في مثل هذه السن , ولعل هذا ما خطر ببالهم حينما وجدوا الأتربة تهال فوقهم , لماذا بحق السماء؟ ما شأنهم بالموت بحق جهنم؟ وماذا كسبوا من كل هذا؟ هل أخذوا رأيهم؟ هل كانوا يريدون الوقوف أمام فوهات البنادق حينما أخترق الرصاص أجسادهم .
إنهم ليسوا إلا صبية صغار أو على الأكثر شبان لهم زوجات وأطفال صغار كانوا يحبون أن يكونوا بجوارهم ليعلموهم أن ” قاف – طاء ” تنطق ” قط ” أو يخرجون مع فتاة جميلة قي عربة مكشوفة إلى رحلة خلوية في الريف والريح تعبث , لابد إنهم فكروا في كل هذا حينما وجدوا الأتربة والأقذار تنهال فوق وجوههم , ولا يهم بعد هذا إن كانوا أمواتاً أم لا .
أني أتساءل في كل مرة يموت الشباب فيها ، ما يحدث لو قام القتلى واعترضوا على استمرار المجزرة ؟؟ هل كانوا حقاً سيختارون الموت مجددا أم سيصرخون لا نريد أن نموت. فليستيقظ الأحياء ايضا ولينشدوا ..لا نريد أن نموت.
الشباب اليمني وخيارات المصير..
دخلت الحرب في اليمن عامها السادس .. أصبحنا في نصف عقد من الزمن ، هذا الزمن الطويل كافياً لتغيير الطبيعة الديموغرافية اليمنية وتبديل التفاصيل الحياتية للمجتمع اليمني ككل. المجتمع الذي يشكل الشباب “دون الثلاثين” ثلاثة أرباع ساكنيه.
تغيّر كل شيء في اليمن بعد هذه المدة من الحرب ، شكل الحياة وبنية المجتمع وطبيعة الإقتصاد وموازين القوة ، اليوم هناك قرى يمنية فارغة تماماً من شبابها ، الكثير منهم غادروا الى الحرب أو ماتوا فيها ، مع الجانبين أو تطرفاً مع فصائل متطرفة أخرى ، وهناك مدن أخرى أخذ شبابها دروب الهجرة ورحلوا ..
جيل الشباب هم الأكثر تاثراً بالمعطيات اليومية للحرب وبلا أدنى شك هم أكبر الفاعلين فيها..
الحرب مثلت طريقاً أجبارياً للكثير منهم لاسيما شباب الريف غير المتعلمين ، كانت بالنسبة لمعظمهم سبيلاً وحيداً للحياة بعد إنقطاع سبل العيش المختلفة ، البطالة والفقر وإنعدام مصادر الرزق هن أبرز المسبباب وراء إلتحاق الشباب بجبهات الحرب التي توفر لهم بدائل مالية ، ضامنة بذلك الغذاء والقات ومصاريف الذهاب والعودة وبعض المواد الغذائية للأسرة.
لقد انخرط الشباب في اليمن بأحد تلك الخيارات الضيقة ، الخيارات التي لم تتجاوز القتال إلى جانب أحد الأطراف أو الإلتحاق بتنظيم متطرف أو الهروب والسفر واللجوء والهجرة ما إستطاعوا لذلك سبيلا.
لم تمنح الحرب لأحد من الشباب خياراً أخر بل فرضت ذلك.
خاتمة لابد منها..
نحن وبينما ندين الحرب من الناحية الأخلاقية نكتفي دائماً بالصراخ بأعلى أصواتنا ضد كارثيتها لكونها شر يسبب الهلاك لكل شيء ، ذلك كلّه لايعني شيء على الإطلاق ولا هو يمنع الظاهرة الشيطانية ، محاولاتنا ليست أكثر من صرخات المتألّمين الذين يكتفون بلعن المرض دونما أي محاولة للفهم والتفكير والتشخيص والإفتراضات.
من هذه الناحية لابدّ من معرفة أسباب الحرب وأرتباطاتها وضحاياها ومكاسبها ومألات أطرافها وضمانات نهايتها ،وبالأحرى الضمانات التي ينبغي أن تتوفّر حتى يتحقق السلام الدائم. وبما أنّ الجميع يتفقون على أصولية أن ظاهرة الحرب رذيلة ونهاية السلم فضيلة ،فهي كافية كقاعدة للبدء والبناء عليها حتى الإتفاق على نهاية حتمية ، نهاية السلم الدائم.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.